لغـة الجسـد وأثـرها في نجـاح الداعـية إلى الله تعـالى

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

المستخلص

إنَّ الحَمْدَ لله، نَحْمَدُه ونستعينُه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
وبعد:
فإن الاتصال ووسائله من أهم سمات العصر الحاضر، حيث شهد هذا العصر تطورات هائلة في وسائل الاتصال والتواصل، فتعددت وسائله ما بين المقروء والمسموع والمرئي من خلال وسائط عديدة كالهاتف والمذياع والتلفاز وغيرها، وحيث إن اللغة وحدها لا تكفي لإيصال المعرفة، وإنما يلزمها تواصل جسدي قادر على إيصال العواطف والانفعالات التي تغنى هذه المعرفة وتجعلها ذات معنى أكبر، فالكلمات وحدها لا تعكس غالبًا ما يعتقده الناس وما يشعرون به، بينما تمتلك لغة الجسد قدرة خارقة عن التعبير عما يختلج النفس الإنسانية.
ولقد خلق الله الإنسان في أحسن تقويم، وكلفه بعمارة الأرض، ولذلك زوده بالأدوات التي تمكنه من التواصل مع العوالم المحيطة به، وأولى هذه الأدوات وأهمها اللغة بنوعيها الشفهية وغير الشفهية وهي لغة الجسد.
فما من شك في أن الاتصالات البشرية حدثت وتحدث باستخدام الحركات المختلفة للرأس، أو اليدين، أو العينين، أو غيرها من أعضاء الجسد، ولقد باتت هذه الحركات لغة حقيقية يتم بها الاتصال، وتبنى عليها أحكام، وتتخذ بسببها مواقف وتنجز بها أعمال، وتقضى بها مصالح، وتقرر بها مصائر.
ومع تطور اللغات الإنسانية تطورت معها وسائل التواصل إلا أن الإنسان لا ولن يستطيع الاستغناء عن لغة الجسد التي حباه الله بها، فهو يستخدمها مع كل حرف يصدره، أو كلمة يقولها، أو عبارة ينشئها، فبدون لغة الجسد يغدو الكلام جافاً، أو مبهما.
ولما كانت هذه اللغة – لغة الجسد – ضرورية ومهمة في حياة الإنسان فقد صارت تعلم للعمال والموظفين في مختلف المجالات، وخصوصًا في المجالات التي تتطلب احتكاكا مباشرًا بالجمهور ومخالطتهم.
لذا كان على الداعية أن يهتم بالجانب غير اللفظي – لغة الجسد – في دعوته؛ لأنه بحاجة أكثر من غيره في التأثير في الآخرين ومحاولة جذبهم وترغيبهم في الدعوة والاستجابة لها، فلا يقتصر الداعية في نقله للأخبار والمعاني على استخدام الكلمات المقروءة أو المنطوقة فقط، بل يتبع ذلك التأثير فيهم من خلال الإشارات والحركات لتكون أكثر وقعًا على العقول والقلوب والنفوس.
فلغة الجسد فوق أنها مؤشر الداعية على صدق تجربته الوجدانية التي يعيشها، هي أيضًا موهبة ليس كل الناس يجيدها، فلقد تتناثر الأفكار وتخرج ميتة من فم خطيب متخشب رغم خطير ما قد يتحدث عنه.
والقراءة المتأنية لبعض مظاهر التواصل غير اللفظي في ثنايا الخطاب النبوي الشريف يكشف عن حضور أشكال تواصلية متنوعة، توحي بسلوك نبوي منظم، يشكل نسقًا متكاملاً من العلامات التي تحمل دلالات دعوية عميقة تحتاج إلى تسليط الضوء عليها.
ومن هنا انطلقت فكرة الكتابة في موضوع "لغة الجسد وأثرها في نجاح الداعية إلى الله تعالى"؛ للوقوف على الدلالات الدعوية لهذه اللغة ومدى تأثيرها في الآخرين. 
 
 

الكلمات الرئيسية

الموضوعات الرئيسية


المجلد 2، العدد 6
عدد المقالات 16، تسعة مقالات في الدراسات الإسلامية، ومقال في الدراسات الإعلامية، و ثلاثة مقالات في الدراسات النفسية والاجتماعية ، وثلاثة مقالات في الدرسات اللغوية
أكتوبر 2023
الصفحة 449-468